منذ النّسخة الأولى سنة 2017، أكّد المنتدى المُواطِنيّ الدّوليّ للتّربية أنّ التّربية المتاحة للجميع والعادلة والكونيّة هي أمر ضروريّ لبناء ديموقراطيّة حيّة وديناميكيّة مفتوحة على المشاركة المواطنيّة (انظر ميثاق المنتدى 2017، 2019، 2022). فالتّربية هي على نحو ما المحرّك الدّافع لتقدّم الأمم. إلاّ أنّ عددا من التّقارير تدقّ نواقيس الخطر إذ تكشف عن تواصل اللّامساواة والتّهميش والإقصاء، إضافة إلى الانقطاع المدرسيّ والعزوف عن مهنة التّدريس. إنّ التّربية تعيش واقعا صعبا في عالم تسيطر فيه المصالح الاجتماعيّة والاقتصاديّة وتؤثّر في أخذ القرار، دون مراعاة الآثار السّلبيّة على الفاعلين في قلب العمليّة التّربويّة، المتعلّم والمدرّس على وجه الخصوص. ولقد أكّدت عديد الدّول، التي رسمت لنفسها أهدافا للتّنمية المستدامة في إطار اليونسكو، رغبتها في بناء مجتمع مُدمِج يُتيح تربية ذات جودة عالية.
إنّ المنتدى المواطنيّ الدّوليّ للتّربية يمثّل فرصة للتّفكير وللعمل بصفة جماعيّة حول مسائل أساسيّة تمسّ أُسس التّربية وهياكلها وممارساتها، وذلك بهدف ضمان عدالة اجتماعيّة أفضل تتيحها أنظمة تربويّة إدماجيّة وتعليمٌ يفضّل منح إمكانيّة التّعلّم للجميع، مهما كان سنّهم أو انتماؤهم الاجتماعيّ. إلاّ أنّه علينا الاعتراف بأنّ النّجاح التّربويّ لا يواجه الفقر وعدم الاستقرار السّياسيّ فقط، بل أيضا الثّقافة وطريقة النّظر إلى قدرة المتعلّم على مواصلة مساره المدرسيّ. ذلك أنّ الفكر التّمييزيّ في مجتمع لا يقبل الاختلاف من شأنه أن يشجّع على الانقطاع وأن تكون له آثار سلبيّة على مستقبل المواطنين النّاشئين.
يتيح المنتدى المواطنيّ مجالا للتّعبير لجميع الفاعلين من مدرّسين ومتعلّمين وأصحاب قرار ومواطنين في إطار مقاربة بَيْنيّة متعدّدة الاختصاصات. وهو يمتاز بمشاركة مواطنيّة مهمّة في النّقاشات وفي التّفكير وصياغة المقترحات المنبثقة عن الحوار وتبادل الآراء. وعلى مرّ النّسخ دعا المنظّمون شخصيّات ترنو إلى تضافر أكبر بين أنشطة الباحثين الجامعيّين وأنشطة الفاعلين الميدانيّين، إلى استثمار إمكانيّة تبادل الآراء حول رهانات التّربية وتحدّياتها. هكذا يستغلّ المشاركون من بلدان مختلفة فرصةَ هذا الفضاء لتملّك معارف جديدة وإجراء تحويرات فعليّة في ممارساتهم التّربويّة، كلّ حسب محيطه المهنيّ الخاصّ. وبمرور السّنوات أصبح المنتدى حدثا ذو صيت عالميّ يحثّ على تطوير ذكاء جماعيّ يضعه في خدمة جودة التّربية.
لقد كان موضوع النُّسخ السّابقة تباعا: البيداغوجيا الجامعيّة لتكوين المدرّسين ( مارس 2017 بصفاقس)، الحوكمة وجودة الأنظمة التّربويّة (مارس 2019 بالحمّامات)، المتعلّم في قلب النّظام التّربويّ (نوفمبر 2022). وكان من شأن الحضور الكثيف للباحثين والطلبة الدكتوراه والمدرّسين أن شجّعنا على المثابرة في بذل الجهد من أجل تحسين جودة التّربية. وفي مواصلة للنّسخ الثّلاث السّابقة، تركّز النّسخة الرّابعة اهتمامها على وجه الخصوص، على أحد الفاعلين الأساسيّن في الأنظمة التّربويّة، ألا وهو المدرّس المدعوّ إلى مساعدة المتعلّمين أثناء مسارهم التّعلّميّ. ذلك أنّه لا محيد عن إعطاء المدرّسين التّكوينَ المناسبَ بالقياس إلى الاضطلاع بدور مركّب تأثيرُه كبير على مستقبل المجتمع. ويبدو وجيهًا وضروريّا من هذا المنظور التّفكيرُ في تحدّيات التّكوين الأساسيّ والتّكوين المستمرّ للمدرّسين، وفي المسارات المُعِدَّة للمهنة، وفي الإدماج المهنيّ وظروف ممارسة مهنة التّدريس. بالإضافة إلى ذلك، تركّز هذه النّسخة الرّابعة على رهانات الحَوكمة ووقعها على النّجاح التّربويّ، وفي ظلّ الظّروف الحاليّة، على انتداب الموظّفين الأكفاء ليلتحقوا بمجال التّربية. وينخرط هذان المظهران في إطار السّعي إلى جعل مهن التّربية مهنًا محترفة وتطوّرها مع وقع التّغيّرات السّياسيّة والاجتماعيّة-الاقتصاديّة والمؤسّساتيّة.
تتنزّل النّسخة الرّابعة، بجمعها باحثين وأصحاب قرارٍ ومواطنين، في منظورٍ مقارَنيّ، وتسمح بنقاشات من شأنها أن تمكّن من انبثاق استراتيجيّات تكون في خدمة تربية مُدمِجة وتأخذ في الاعتبار الدّيناميكيّة التّطوّريّة للمجتمعات. كما ستوفّر هذه النّسخة فرصة إقامة شراكات بين باحثين ومدرّسين من آفاق مختلفة.
يتّخذ هذا المنتدى هيكلته وفق ستّة محاور. سيكون كلّ محورٍ منها موضوعَ تفكير مشترك ستمكّن من رسم مجموعة من سُبُل العمل التي نطمح إلى أن تتمّ متابعتُها بعد انتظام المنتدى.
https://fr.unesco.org/events/eduquer-avenir-inclusif-durable-9eme-reunion-mondiale-ccong-education-2030; https://www.undp.org/fr/sustainable-development-goals